سيطر الحديث عن رد حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على مقترح إطار اتفاق التهدئة في غزة الذي قدمته للوسطاء، على ردود الأفعال الإقليمية والعالمية، في الوقت الذي بدأت فيه دولا عربية، على رأسها السعودية، في تغيير موقفها من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وقدرات المقاومة على الصمود، خلال أكثر من 120 يوما على الحرب، والتي فقدت فيها إسرائيل أكثر من 1500 ضابطا وجنديا من قواتها.
في الوقت الذي تشن فيه قوات الاحتلال غارات وحشية على المدنيين في قطاع غزة، أدت لاستشهاد ما يقترب من الـ 30 ألف فلسطيني، وإصابة عشرات الآلاف.
حماس تعلن موافقتها على الهدنة
ووافقت حماس على إطار اتفاق للتوصل إلى هدنة تامة ومستدامة على 3 مراحل، تستمر كل مرحلة 45 يوما وتشمل التوافق على تبادل الأسرى وجثامين الموتى وإنهاء الحصار وإعادة الإعمار، وطالبت حماس بأن يتم الانتهاء من مباحثات التهدئة التامة قبل بدء المرحلة الثانية وضمان خروج القوات الإسرائيلية خارج حدود القطاع وبدء عملية الإعمار.
وعرضت حماس في المرحلة الأولى إطلاق المحتجزين الإسرائيليين من النساء والأطفال والمسنين والمرضى مقابل 1500 أسير بينهم 500 من أصحاب المؤبدات والأحكام العالية، إضافة إلى جميع النساء والأطفال وكبار السن في سجون الاحتلال.
كما اشترطت حماس إدخال ما لا يقل عن 500 شاحنة يوميا من المساعدات والوقود إلى كافة مناطق قطاع غزة خلال المرحلة الأولى.
وأوضحت المصادر أن حماس طالبت في المرحلة الأولى أيضا بعودة النازحين إلى أماكن سكناهم، وضمان حرية الحركة بين شمال وجنوب القطاع وفتح المعابر.
واشتمل رد حماس على ضرورة الموافقة على إدخال ما لا يقل عن 60 ألف مسكن مؤقت و200 ألف خيمة إيواء إلى القطاع خلال المرحلة الأولى، إضافة إلى إقرار خطة إعمار البيوت والمنشآت الاقتصادية والمرافق العامة التي دمرت، خلال مدة لا تتجاوز 3 سنوات.
وطلبت حماس أيضا وقف اقتحام المستوطنين للأقصى الشريف، وعودة الأوضاع في المسجد المبارك إلى ما قبل عام 2002.
واشترطت حماس أن تكون قطر ومصر والولايات المتحدة وتركيا وروسيا ضامنة لتنفيذ ذلك الاتفاق.
السعودية تغير موقفها
وفي الوقت الذيكانت تمضي فيعه المملكة العربية السعودية قدما، في استكمال ملفات التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، بالرغم من آلام الفلسيطينين في قطاع غزة على مدار أربعة شهور كاملة، وانتقاد الإدارة السعودية بشكل دائم للمقاومة، عن طريق وسائل إعلامها بشكل مباشر أو غير مباشر.
فجأة تغير الموقف السعودي، وأعلنت وزارة الخارجية السعودية أنه لا تطبيع مع دولة الاحتلال ما لم يتم وقف العدوان على غزة والاعتراف بحقوق الفلسطينيين في تأسيسي دولتهم.
وأشار البيان إلى أن المملكة أبلغت موقفها الثابت للإدارة الأميركية أنه لن تكون هناك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم يتم الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، وإيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وانسحاب كافة أفراد قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة.
وجددت دعوتها للمجتمع الدولي - وعلى وجه الخصوص - الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن التي لم تعترف حتى الآن بالدولة الفلسطينية بأهمية الإسراع في الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية ليتمكن الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة وليتحقق السلام الشامل والعادل للجميع.
4 أسباب وراء تغير الموقف السعودي
ولعل ما يفسر تغير الموقف السعودي تجاه الحرب على غزة ورفض تسويق عملية التطبيع، هو ظهور المملكة بشكل معادي لقضايا الفلسطينيين، في المقام الأول، الأمر الذي أضر بسمعة المملكة، بين العرب والمسلمين، فضلا عن اضمحلال وتدني الدور السعودي في القضية الفلسطينية، وتراجع تأثيرها في المجتمع الدولي، بعدما فقدت بوصلة التفاوض مع قادة حماس، لحساب الدور القطري والمصري.
صحيفة "عكاظ" السعودية علقت على بيان وزارة الخارجية السعودية بشأن التطبيع مع "إسرائيل"، وتقول إنه يدحض كل ما سوقته واشنطن و"تل أبيب" من مزاعم لخدمة مصالحهما.
وقالت صحيفة "عكاظ" السعودية، اليوم الأربعاء، إن بيان المملكة العربية السعودية بما تضمنه من مواقف واضحة فيما يخص التطبيع مع "إسرائيل"، يأتي لـ"يدحض كل ما سوقته واشنطن و"تل أبيب" من مزاعم لخدمة مصالحهما".
وبحسب الصحيفة السعودية فإن التسريبات الأميركية - الإسرائيلية التي تحاول إيهام الرأي العام بشأن انفتاح المملكة على فكرة إقامة علاقة طبيعية مع "إسرائيل" في ظل استمرارها بالعدوان على قطاع غزة، تهدف إلى التأثير على الجهد السعودي الرامي إلى تحقيق وقف فوري لإطلاق النار.
وأضافت الصحيفة أن "بيان الممملكة قطع الطريق أمام أي مُزايدات بشأن موقف المملكة التاريخي الثابت والراسخ تجاه قضية فلسطين ووقوفها الدائم مع حقوق الشعب الفلسطيني وتعزيز صموده وتوفير الحياة الكريمة له".
ويٌعد الموقف السعودي الذي عبّر عنه بيان الخارجية تجاه ضرورة حل الموضوع الفلسطيني أولًا وقبل كل شيء وإقامة دولتهم المستقلة، بحسب الصحيفة السعودية، "موقفاً تاريخياً بامتياز"، لتؤكد أن السعودية بدأت تشعر بتراجعها تأثيرها الخارجي، وخاصة في قضية تعد في القلب من قضايا المجتمع العربي والإسلامي والدولي وهي القضية الفلسطينية.
كما يأتي صمود المقاومة سببا رئيسيا في عدول المملكة السعودية عن موقفها من قضايا قطاع غزة، خاصة وأن السعودية اكتشفت خطأ قراءتها لخروج حماس من المعادلة، بعدما ظنت قدرة قوات الاحتلال في القضاء على المقاومة، فيما تبين لها خلاف ذلك، بقدرة المقاومة على الصمود على مدار 4 شهور كاملة استطاعت من خلالها إذلال قوات الاحتلال.
لتعلن السعودية أنها أبلغت واشنطن بأنه لن تكون هناك علاقات دبلوماسية بين الرياض و"إسرائيل" قبل الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة عند حدود 67 وعاصمتها "القدس الشرقية"، ووقف العدوان على قطاع غزة، والانسحاب الكامل من القطاع.
ويأتي ذلك عقب ما ذكرته وكالة "رويترز"، الجمعة، من أنّ السعودية ستكون مستعدة لقبول التزام سياسي من "إسرائيل" بإقامة دولة فلسطينية من أجل إبرام اتفاقية دفاعية مع واشنطن قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وفي وقت سابق، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أنّ الولايات المتحدة أبلغت "إسرائيل" بأنّ اتفاق التطبيع السعودي يجب أن يبدأ خلال الشهرين المقبلين.
وبحسب الصحيفة، يرجع ذلك جزئياً إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يطالب، كجزء من حزمة التطبيع، بمعاهدة توفر ضمانات شبيهة بضمانات "الناتو" للأمن السعودي.
ونظراً لأنه عام انتخابي في الولايات المتحدة، وفقاً للصحيفة، فمن المرجح أن تحصل مثل هذه الصفقة على تصديق مجلس الشيوخ بحلول شهر حزيران/يونيو، "وفي حال تأخرها عن ذلك سيتم دفنها تحت سياسات الحملات الانتخابية".
وقبل أسبوعين، أكّدت السفيرة السعودية لدى واشنطن، ريما بنت بندر آل سعود، أنّ بلادها غير قادرة على مواصلة المباحثات بشأن اتفاق التطبيع مع كيان الاحتلال الإسرائيلي قبل وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
إسرائيل تبدأ في الموافقة
و يلتقي وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بالقادة الإسرائيليين اليوم الأربعاء، للحديث مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو حول هذه الخطوة والقبول بالهدنة .
واقترحت الولايات المتحدة وإسرائيل وقطر ومصر وقف إطلاق النار لعدة أسابيع مقابل إطلاق سراح تدريجي للرهائن الذين احتجزتهم حماس خلال هجومها في 7 أكتوبر/في إسرائيل .
وردت حماس على العرض في وقت متأخر من يوم الثلاثاء بما قالت إنها "روح إيجابية" بينما كررت مطالبها الأساسية بإنهاء الهجوم الإسرائيلي وإطلاق سراح آلاف السجناء الفلسطينيين، وهو ما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه " انتهى قليلاً". الأعلى."
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الحرب ستستمر حتى "النصر الكامل" على حماس وعودة جميع الرهائن المتبقين.
ويحاول بلينكن، الذي يقوم بزيارته الخامسة للمنطقة منذ اندلاع الحرب، دفع محادثات وقف إطلاق النار إلى الأمام بينما يدفع من أجل التوصل إلى تسوية أكبر بعد الحرب.
لكن نتنياهو الذي لا يحظى بشعبية متزايدة يعارض إقامة دولة فلسطينية، وقد ينهار ائتلافه الحاكم المتشدد إذا نظر إليه على أنه يقدم الكثير من التنازلات، حسبما تقول وكالة أسوشيتد برس.
واعترف بلينكن بأنه "لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به". لكنه قال إنه ما زال يعتقد أنه من الممكن التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن. وفي مؤتمر صحفي في قطر يوم الثلاثاء، قال إن الطريق إلى سلام أكثر استدامة "يصبح موضع التركيز بشكل أكثر حدة من أي وقت مضى" ولكنه يتطلب "قرارات صعبة" من قبل زعماء المنطقة.
نتنياهو يكذب
قال يائير غولان النائب السابق لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي والعضو الحالي في الكنيست عن حزب ميرتس إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عندما يقول للجمهور الإسرائيلي إنه قادر على قتل قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) كلهم وإنقاذ جميع الرهائن الإسرائيليين في الوقت نفسه، إنما يكذب عليهم.
وأوضح غولان، في حديث له بجامعة رايخمان أمس الثلاثاء، أن على الحكومة الإسرائيلية أن تعيد الرهائن أولا، ثم تأمل في وقت لاحق فقط الوصول إلى حماس، على أن يبقى هدفها الأساسي هو منع حماس من العودة للسيطرة على قطاع غزة.